هل لدينا استراتيجية للتعليم دون الجامعي؟
السبت 18 جمادى الأولى 1426هـ 25-6-2005م
الصحيفة : اليوم
سررت كثيراً عندما قرأت أن معالي وزير التعليم العالي قد وقع اتفاقية لمشروع استراتيجي يحدد معالم التعليم الجامعي السعودي في 25 عاماً وسررت كثيراً أن تقوم جامعة الملك فهد بهذا الدور الهام فهي أهل لذلك. ولكبر سني فإنني أتحسر على سنوات مضت وكم تمنيت أن هذه الدراسة تمت قبل 25 عاماً ربما أن كثيراً من المعاناة التي نجدها الآن قد لا تكون موجودة ولن استعرض هذه الاتفاقية ففيها بإذن الله الخير لهذا الوطن. وكم تمنيت لو أن هناك دراسة مماثلة لوضع استراتيجية التعليم المتوسط والثانوي وحتى الإبتدائي. ولا أعلم إن كان هناك شيء سبق وعمل أم العكس ولكن عندما أقرأ أن 80 بالمائة من خريجي الثانوية العامة من الأقسام النظرية وأن معظمهم لا يجد القبول في الجامعات ولا يجد وظيفة مناسبة له.. بل يصبح عالة على نفسه وأهله ومجتمعه يؤكد ذلك أننا في حاجة ماسة وعاجلة وغير قابلة للانتظار بأن نعمل مثل هذه الدراسة الاستراتيجية وأن مثل هذه الدراسة توضح مكان الخطأ الذي نحن سائرون فيه فليس من المعقول أن تزداد البطالة لدينا ويزداد الشباب غير المؤهل أو المدرب وليس من المعقول أن ننفق الملايين على أبنائنا لدراستهم في الخارج سواء عن طريق الدولة أو على حساب أولياء أمورهم بحكم أن جامعاتنا لا تقبلهم بسبب عدم قدرة الجامعات وبسبب أن تخصصاتهم الثانوية غير مقبولة ولسنا في حاجة إليها. واأن ضياع الشباب وتركهم بدون تخصصات تناسب حاجة السوق المحلي يعتبر إخلالاً بمفهوم تنمية المواطن السعودي وأخذ دوره اللائق به في المجتمع وحيث أن الله سبحانه وتعالى قد أنعم علينا بنعمة النفط والتي تشكل الدخل الرئيسي لبلادنا فالواجب أن يتجه التعليم بمقدار الدخل أقصد أن نوجه تخصصاتنا العلمية في الأنشطة البترولية والصناعات المستحدثة من هذه المادة ومن المخجل أن نكون بلداً ينتج ويصدر وبضائعه التي يستهلكها من صناعات البترول تأتي إليه من دول ليس بها بترول.. بل إن بترولها مستورد من بلادنا. إنني متأكد لو وجهنا تخصصاتنا العلمية في هذه الصناعة لأصبح حالنا أفضل من الواقع ولقضي على كثير من المشاكل الظاهرة وغير الظاهرة. فالبلد المنتج مشغول بأعماله وبطلب رزقه، أما الفراغ والحاجة فهي مدعاة لاستخدامها في الضرر وردة الفعل غير المحمودة العواقب، والذي أتصوره أن ضياع الاستثمار في العنصر السعودي سواء الذكور أو الإناث هو من الأخطاء التي لا يجب السكوت عنها ولا يمكن قياسها بالماديات المختلفة، فكل هذه الماديات تتغير وبعضها ينمو والبعض الآخر يزول ولكن يبقى العنصر البشري المدرب والمؤهل هو المحرك الرئيسي لتقدم ونمو البلاد وأخذ مكانتها اللائقة بها. بلدنا في حاجة إلى صناعيين وتقنيين في صناعة مستخرجات البترول. ويكفي أن نحكم بفشل السياسة التعليمية للمستويات المتدنية من خلال البيانات الواضحة عن عدم قدرة الشاب السعودي على العمل في الأمور المهنية والتقنية والصناعية. إن سياسة التعليم وتوجيه الشباب إلى احتياج السوق والنظرة المستقبلية لمصلحة الوطن أمور تحددها الخطط السليمة والمتزامنة مع التطبيق والتفعيل للاستراتيجيات العلمية والقائمة على تحديد الاحتياج لبناء الوطن والاستفادة من أبنائه. لايمكن أن نطور أمتنا بدون الشباب ولا يمكن للشباب أن ينفع نفسه ومجتمعه ووطنه بدون استراتيجية علمية ذات نظرة شاملة لجميع المعطيات والله الموفق