هناك وسائل أخرى للتوفير المالي من دون التعرض لمأكل الناس ومشربهم
السبت 23 جمادى الآخرة 1415هـ 26-11-1994م
الصحيفة : المجلة
26/11/1994م الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. الحمد لله الذي هيأ لنا حكومة رشيدة تهمها مصلحة مواطنيها ورفاهيتهم، اذا استطاعت بالسياسة الحكيمة أن تستغل ثروتها في أسرع وقت قد لا يخطر على بال الآخرين وقد يصعب على الآخرين تنفيذه . لكن هذا ما تم والحمد لله .. واليوم وأنا أقرأ مقالة للأستاذ الفاضل عبد الرحمن الراشد رئيس تحرير مجلة ((المجلة)) في العدد 756 بعنوان ((زمن الدلال انتهى)) هذا الرجل الذي عودنا أن نقرأ له الكلمة الجريئة الشجاعة والتي استشف منها الرغبة الصادقة في خدمة المجتمع، واليوم أقرأ للأستاذ الراشد شيئاً مختلفاً ربما أعذره ويعذره غيري عليه في خضم الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط، وربما لأنه يعتقد أن هذا هو الحل الأفضل لمواجهة الموقف! ولأن حال دولة الكويت الشقيقة باعتبارها خارجة للتو من حرب وتمر بظروف غير عادية فإن استرشاد الأخ الراشد بتصريح وزارة المالية الكويتي يندرج ضمن أمور قد لا ندرك أبعادها، لكن لنقف قليلاً أمام التأيد من رئيس التحرير بفرض (رسوم) مشيراً إلى خدمات الماء والهاتف والعمالة المنزلية، ودعوته للحد من الحنان المفرط معتبراً أن فرض الرسوم يوقف الضرر ويسد العجز وأن على الدولة أن تلتزم بالإعانة أو المجانية لكل بيت بما يلبي الحاجات الأساسية فقط . المهم – حسب فهمي للموضوع – فلتعتبر أيها القارئ العزيز ما سأقوله (إضافة) إذا كان لها مكان مناسب ومقبول: لاأحد يناقف في الإسراف أمر غير مرغوب فيه في جميع الأمور والخدمات العامة من أهم الأمور التي يجب عدم الإسراف في استعمالها لأن عائد الإسراف ضرر على الجميع. وأنه يلزم وضع ضوابط لهذه الإستخدامات بشكل لايؤثر على مصالح ومنافع المواطنين . لكن الشئ الذي لا أتفق مع الأستاذ الراشد عليه. الا يكون وضع ضابط لإستخدامات المنافع العامة هدفه سد النقص الحاصل في ميزانية الدولة لأنه حينئذ سوف يكون التركيز على هدف (التحصيل) وهنا تكمن المشكلة، وهذا لاشك له أثار سلبية آنية ومستقبلية . ونظرة إلى تاريخ الأمم والشعوب والدول نجد أن معظم مشاكلها نشأت بسبب الرسوم والضرائب .. لذا كانت ولازالت خسائرها وديونها تتضاعف وتمنت لو أنها لم تفكر مشاركة الناس في أرزاقهم .. نحن في المملكة العربية السعودية تعودنا على أسلوب حياة منظم جعل هناك الألفة والتقاء والإنتماء للدولة لذا استفدنا من الطفرة ووظفناها لصالحهم ولسنا بحاجة لأن نتمثل بالدول التي فرضت 40 في المائة رواتب مواطنيها كضريبة دخل لحكوماتها لأن هذا الأمر ينطبق علينا والذي أؤكده في هذا المقام أن الدولة لو احتاجت لأي مبلغ فلن يتردد كل مواطن بالتنازل عما يملك لأجل بلده أن نعمة الأمن والإستقرار والإقتصاد السليم والتي عاشت طوال هذه السنين دونما الإضرار بشعبها . وثمة أمر آخر يمكن اللجوء إليه – دون أن يتأثر المواطن من خلال فرض الرسوم والضرائب – وذلك على الجوانب التي لا تتعلق بحياة الناس اليومية في المأكل والمشرب والسكن والتنقلات . تمنيت لو أن الأستاذ الراشد أشار إلى ذلك بشكل مفصل وواذح واستعان بأمثال منها: – زيادة الرسوم على العمالة الوافدة وهذا سوف يحل لدينا بعضاً من مشكلة العمالة السعودية المعطلة ويحل لنا مشكلة العمالة الوافدة السائبة . بل أن قلتهم سوف تعوض استخدامات المنافع من كهرباء وماء وأمن ومرور وخلافه . – زيادة الرسوم على استيراد السيارات وفي هذا حل للكثرة الهائلة من السيارات وتقليل الحوادث واستغلال الموجود ولو لفترة خمس سنوات مثلاً . – زيادة الرسوم على الكماليات مثل الأجهزة المرئية والمسموعة وخلافه ويكفي الضرر الحاصل من كثرة التلفزيونات حتى أن المنزل الواحد باتت فيه عدة أجهزة مما فرق الأسرة عن بعضها وزاد في معدلات الإستهلاك . – زيادة الرسوم على العطور والمجوهرات وما ليس له حاجة مباشرة للناس . – زيادة الرسوم على (الدخان) منعاً لضرره ووقفاً لإستعماله . ثم لنسأل أنفسنا عمن يستثمرون عشرات المليارات في البنوك الأجنبية أليس للبلد نصيب منها خصوصاً أنها في الأصل للدولة من جراء القروض والتسهيلات التي تقدمها الدولة لإنعاش البلد وليس ليستفيد منها الأجنبي؟ وأخيراً من حقنا عليك ككاتب له مكانته وشجاعته الأدبية ونفاذ فكره أن يبصرنا في الأمور وعواقبها وأن يكون همه المواطن واحتياجاته بعيداً عن المساس المباشر برزقه ومأكله ومشربه. أن ثقتنا بالله سبحانه وتعالى ثم بالسياسة الحكيمة والتي ليست وليدة اليوم قادرة على أن تضع الأمور الصحيحة في نصابها وتأكد أن الأم الحنون تستمر حنوناً مهما اشتدت الأعاصير! والله الموفق