أشياء في الذاكرة

السبت 24 جمادى الآخرة 1429هـ 28-6-2008م

الصحيفة : اليوم

قبل أربعين سنة كنا مجموعة من الشباب لم تتجاوز أعمارنا العشرين سنة ولكن نختلف عن أبناء هذا الزمن أقصد أبناء التلفاز والإنترنت فلم نعرفهما وكان همنا مجتمعنا المسلم ومجتمعنا العربي فكان الملك فيصل رحمه الله ينادي بالتضامن الإسلامي وكان الرئيس جمال عبدالناصر رحمه الله ينادي بالقومية العربية وتشهد مكتبتي الخاصة ما يزيد على مائتي كتاب كلها عن الفكر العربي (لاحظ أن عمري لم يتجاوز سبعة عشر عاماً) (يا حسرة على شبابنا اليوم) لذا كان من أولويات اهتمامات الشباب اقتناء وقراءة أكبر عدد من كتب الفكر الإسلامي والفكر العربي واستطعنا رغم الظروف المادية والاجتماعية اقتناء هذه الكتب بعدة وسائل كان أبسطها دفع مبلغ بسيط لأجل قراءة الكتاب ثم إرجاعه لصاحبه أو جهته، أصبح لدينا توجهات متعددة كل حسبما يراه صحيحاً وفي أحد الأيام ذكرت إذاعة الرياض أن الملك فيصل سوف يخطب، وحدد اليوم والساعة والمكان استأجرنا (تكسي) وكان اسم سائقه سعيد وكانت الأجرة عشرة ريالات للراكب دفعتها من مصروفي الخاص من أجل نقلنا من الخبر إلى الرياض وبالذات إلى الاستاد الرياضي بالملز لأن الملك سوف يخطب بعد العصر وحرصنا على أن نكون أول المتواجدين وفعلاً كنت بجانب المنصة التي سوف يخطب عليها الملك فيصل وهذه المنصة كانت طاولة عرضها في طولها متران في متر وارتفاعها حوالي المتر صعد يرحمه الله على المنصة وبدأ خطبته بذكر الله والصلاة على رسول الله ثم أخذ يتحدث عن التضامن الإسلامي وأهميته ودوره في رفع شأن الإسلام والمسلمين وكانت نظرته يرحمه الله أنه لا تقدم ولا نصر إلا بتضامن المسلمين في قوتهم وفي تطبيق شريعتهم وفي وقوفهم أمام التيارات الغربية والتي لها مطامعها وأهدافها في السيطرة على خيرات بلاد المسلمين وأهمها النفط.. عندما انتهى من كلمة النفط كانت يدي عند قدمه وضغطت عليها منادياً مع المجموعة (أبو عبدالله اقطع البترول) وكان نداء تعالت أصواته في أدنى وأقصى ملعب الملز فأخذ يلوح بيده ويقول ما يكون إلا الخير اهدئوا وإن شاء الله نحقق ما فيه مصلحة بلادنا ومصلحة المسلمين.. نظرت إلى ملامح وجهه يرحمه الله ولكنها تقول إن التضامن الإسلامي واجتماع الأمة هو مخرجها الوحيد مما تعيشه أو ما سوف تشاهده في مستقبلها. على العموم كنا ننتظر في كل سنة ثلاثة أحداث: الملك فيصل حينما يخطب ويتحدث عن التضامن الإسلامي، والرئيس عبدالناصر حينما يخطب عن القومية العربية، أما الثالثة فأتركها لمن يهتمون بها ومن هم في عمري وأكبر مني.

guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments