سيناريو: بوش – بيكر – هملتون

الجمعة 24 ذو القعدة 1427هـ 15-12-2006م

الصحيفة : اليوم

أجاد المخرج بيكر هملتون ولجنته وصف الوضع في العراق وأوضح الموقف الحالي بجميع همومه وشجونه وخرج وفقاً لما أراده المنتج بوش فكما يقال السياسة لعبة قذرة لابد أن يصور من خسر المعركة بأنه خرج منتصراً وما أكثر مثل هذه الحالة في عصرنا الحاضر. المشهد الأول: يبين حالة العراق وأنه مقبل على دمار شامل وأرجع السبب إلى ضعف حكومته الحالية.. الغريب في هذا المشهد أن هذه الحكومة كانت في نظر المنتج هي الحليف الأوحد له.. وبسرعة البرق أصبحت سبباً في هذه النكسة. المشهد الثاني: أراد أبطال الفيلم أن يصوروا أبناء سام أنه المنقذ الوحيد ولولا تواجده المباشر لأصبح هناك وجه ثان أشد خطورة فهو يهدد بسحب قواته وقطع المساعدات المالية وربما يتدرج في هذا التهديد ليصبح (منظراً) أو لنقل مدرباً للجيش العراقي وحتى يربط النصر أن تحقق ببطولته ومقدرته. مع أن المراقب يقول عكس ذلك فهو يريد الانسحاب أو الفرار من المعركة لكن المهم لديه أن يحفظ ماء وجهه أمام أمهات وآباء الأمريكان الذين فقدوا أبناءهم. المشهد الثالث: أشد غرابة فهو يقول أقصد المنتج من ليس معنا فهو ضدنا واليوم ينادي من كان عدو الأمس فهو صديق اليوم (أقصد صديق المصلحة) فعلاً (السياسة لعبة قذرة).. فهو يطلب من إيران وسوريا التفاهم لأجل مصلحة العراق (فات على المخرج) أن مثل هذه اللعبة ليست بخافية على إيران وسوريا واللتين ترتبطان بدين وتاريخ وعلاقة بالعراق وجيرانه. وحتى يوهم المنتج أن ليس له يد في هذا التقرير فهو يقرن بدء العلاقة مع إيران بالتخلي عن البرنامج النووي مع علمه المسبق برفض إيران لهذا الطلب. المشهد الرابع: فات على المنتج أنه لم يدرس العقلية العراقية والتي عمرها آلاف السنين وترتبط بيعضها مهما اختلفت أديانها ومذاهبها وأعراقها.. فات عليه أن أرض بني العباس لا تقبل أن يطأها أولاد سام وأن العراقي مهما أصابه من المحن يبقى الرجل الواحد بجميع أطيافه.. لذا فإن هذا السيناريو (فاشل) ويكفي استطلاع الرأي العراقي (السني والشيعي والمسيحي) العرب والأكراد والآشوريين والكلدان) كلهم يجمعون على عراق واحد مهما كان نوع الحكومة.. ولكن بدون تدخل كنت أتمنى لو أن المخرج استعاد بعضاً من كتب التاريخ العراقي القديم ليعرف أن العراق هو الدرع الشرقي للأمة العربية والإسلامية وأن أقسى وأعظم الغزاه في التاريخ لم يستطع أن يخضع أمة الخمسة آلاف سنة. المشهد الخامس: المنتج بوش يريد أكبر دخل يستطيع أن يحققه لذا فقد شدد على المخرج (بيكرهملتون) وعلى أبطال الفيلم لا داعي لذكرهم لأنه حتى الآن والمفاوضات جارية لاختيار الفريق الثاني. أقول أراد المنتج نجاح فيلمه فهو كما هي عادته في أفلام (الكاوبوي) لابد أن ينتصر ويحطم (الهندي الأحمر) فبعد الاحتلال زرع بذرة الشقاق والفتن بين أبناء العراق اعتقاداً منه أنها الوسيلة الأفضل ليحكم قبضته.. ومع ذلك تحطمت آلته العسكرية أمام المقاومة الشرسة التي جعلته يتخبط في قراراته وأصبح منبوذاً من المجتمع العالمي واتضحت صورته القذرة.. لذا فهو لا يبالي بأي نتيجة تحصل للعراق وبأي أسلوب يتبعه.. المهم أن يحفظ ماء وجهه هذا إذا بقى له ماء وجه ولا يستبعد أن يطلب من بلاد الجوار التدخل لتكن إحدى وسائل الإنقاذ التي يجربها فهو أصبح مثل الغريق الذي يتشبث ولو بالقشة. وغير مستبعد أن يطلب المنتج من المخرج عمل فيلم آخر يأتي بأعجب مما أتى به بيكرهملتون. وإن كان لنا من رأي فهو: 1-الانسحاب الفوري (الشجاع) ولا مانع كما هزم في فيتنام أن يهزم في العراق فهذه سنة الحروب وتبقى أمريكا بلد الديمقراطية والتقدم وبدل بوش يأتي بوش آخر المهم الحفاظ على حياة الجندي الأمريكي لأنه لولا الانسحاب العاجل لزادت نسبة القتل والانتحار والهروب بشكل أسرع وأخطر. 2-لا نستغرب أن يكون هناك بعض الفتن وتغير الحكومات فهذه طبيعة العراق وسيبقى على هذا النهج حاضراً ومستقبلاً ولكنه يبقى عراقياً قوياً صامداً. 3-ما أجمل التقاء بلاد الجوار وبالذات حكومتنا الرشيدة صاحبة المبادرات الشجاعة التي لها تاريخها المشرف في الإصلاح بين المتخاصمين وبما تملكه من علاقة قوية بأمريكا وأوروبا وبلاد الشرق وبما لها من مكانة دينية وأخلاقية. ما أجمل التقاء حكومتنا وحكومة إيران الاسلامية ومصر الكنانة وبلاد الهلال الخصيب كلها تجتمع في بغداد العباسية تحت مظلة وشعار عراق موحد.. المهم أن لا نرى أي (علج) يطأ أرض الرافدين وبإذن الله ثم بعقلاء القوم سوف تطفأ كل نار أوقدها أبناء سام. المشهد الأخير: انتظروا الفيلم الجديد ولكن المخرج وأبطال الفيلم من نوع آخر.

guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments