عندما يتحدث ولي العهد الأمين وعلى لسان خادم الحرمين الشريفين بأنه لن يكون هناك عاطل عن العمل في السنوات الخمس المقبلة. فإن هذا القرار الكريم نابع من إحساس القيادة بأهمية هذا الموضوع وأنه من الأولويات في اتخاذ الإجراءات الفاعلة وقد وضح سموه بعضاً منها بذكر المعاهد والكليات والتدريب. لكنني أنظر إلى هذا بأنه توجيه ورسالة إلى جميع القطاعات الحكومية والأهلية أن على الجميع مسؤولية مشتركة لا يعذر فيها أحد، وأن تدريب وتوظيف الشباب والشابات أصبحا من المسلمات التي لا رجعة فيها ولربما تصدر قرارات حاسمة في حالة رصد المؤشرات السنوية بل الشهرية لما يجب عمله ومن هذا التوجيه يحضرني بعض مما يجب عمله ولعلها أمنيات نرى بعضها: 1ـ أن تقوم وزارة العمل ممثلة في صندوق الموارد البشرية بعمل عقود تدريب وتوظيف وإنشاء ورش صناعية يتم تمويلها من إيرادات الصندوق وتقوم بها شركات لها سابقة خبرة مثلما يتم في بعض بلاد الشرق بحيث تقوم هذه الشركات المتخصصة بالتدريب والتوظيف وإنشاء المصانع والورش وتعطى للشباب على هيئة قروض تنتهي بالتملك وجميع منتجات هذه الورش يتم شراؤها من قبل الدولة بحيث تصدر قرارات تحمي منتجات هذه الورش والمصانع وتسد حاجة الدولة من جميع المستلزمات الميسرة، وبحيث أن أصحاب هذه الورش تتوافر لديهم الخبرة والمال وبذلك تتوسع أعمال هذه الورش وتأخذ صفة الاستقلالية. 2ـ الاتجاه الى إنشاء صناديق إقراض الشباب ويتم ذلك بإعداد مواصفات الأعمال والورش وتحدد لها أماكن في المناطق الصناعية بشكل ميسر وتتم حمايتها عن طريق الدولة بتحديد مشترياتها من هذه المنتجات الوطنية، ويتم تمويل هذه الصناديق من قبل الموارد البشرية والبنوك والشركات وبحيث يترك الخيار لمن لا يريد أن يوظف سعودياً بأن يدفع مقابلاً نقدياً بمثل عدد العمالة السعودية المفروض عليه تعيينها وتزداد بزيادة العمالة الأجنبية كما أنها تقل بنقص العمالة الأجنبية. 3.كلنا يعلم أن شركة أرامكو السعودية هي من أكبر الشركات المنتجة للبترول في العالم ولكن مساهمتها في خدمة المجتمع لا أبالغ إذ أنها من أقل الشركات. فمطلوب منها أن توطن صناعة البترول في بلادنا بمعنى أن تضع برامج قروض للشباب تتضمن تدريبهم وتشغيلهم والإشراف عليهم للمنتجات البترولية الممكنة وأعتقد جازماً أنه ليس من العدل أن نصدر بترولنا لدول ليس بها بترول ثم يرجع إلينا على هيئة بضائع متنوعة.. وإن كانت أرامكو شركة إنتاج وتصدير فقط فالواجب البحث عن شركات أخرى تقوم بهذا الدور.. نريد أن تكون هناك مماثلة لمقدار الدخل القومي والذي يمثل 90 بالمائة من البترول أن يقابله تدريب وتأهيل وتشغيل نفس النسبة من العاطلين عن العمل.. أليس من المؤسف أن ثوبك ومعظم حاجياتك مصنوعة من بترولنا في غير بلدنا. 4.إلى متى وجامعاتنا وثانوياتنا تنتج شبابا وشابات مؤهلين بعد التخرج لإضافة أرقام أخرى للعاطلين، كذلك معاهدنا وكلياتنا لماذا لا تتجه إلى تدريس احتياجات السوق المحلي. 5.لو أعدنا الأرقام لخمس سنوات مضت ودققنا نتائج مشاركة شركة سابك والكهرباء وهيئة الاستثمار العام والبنوك الوطنية وأنصاف الوطنية والشركات العظمى في بلادنا ودور الغرف التجارية ومنسوبيها في توظيف وتدريب الشباب السعودي لوجدنا أنفسنا أمام أرقام مخجلة ولعملنا إجراءات وقرارات أكثر حزماً ومواجهة. 6.أخيراً نريد أن نقيم أعمال وزارة العمل في ظل القرارات التي اتخذتها وهل كل ما عمل قد أثمر؟ وما مقدار الإيجابيات والسلبيات وهل من الأفضل الاستمرار على هذه السياسة أم أنه يجب المراجعة وإعادة الموازين وعمل تجارب أخرى (يؤسفنا كلمة تجارب) ولكن هذا واقعنا المؤلم والذي قد يأتي أحياناً بقرارات متعجلة بل بمصادمات لها أثرها على الاقتصاد وعلى توظيف الشباب.